المقالات

الدكتور نورالدين بكر يكتب : “مولد خبراء الصدفة” !!



في يوم 14 مايو، 2022 | بتوقيت 11:36 ص

 

حقيقة لا خلاف عليها أن السياحة صناعة لها اسسها ومقوماتها ،والتي إن أُحسن استغلالها وتصدر مشهدها خبرات فنية وعلمية لكان للدخل من السياحة أن يفوق الدخل من البترول في الدول البترولية.

ورغم الحديث واللغط حول فشل آليات التسويق وضعف الأداء والمنافسة القاتلة وغياب التنسيق والتفاعل المشترك لقوي السوق ، والتي يغلب عليها دافع الربح والثراء السريع دون الوعي بأهمية السياحة كجزء هام من القدرة الاقتصادية للدولة.

الحقيقة أنني أري أن أخطر ما تتعرض له السياحة ، ذلك الإمتهان الفج لمفهوم خبير سياحي للباحثين عن وجاهة اجتماعية ولقب علي الكارت وحتي المستوزرين من أنصاف القدرات والرغبة في تصدر المشهد وهما وبحثا عن دور لدرجة أن عامل كشك العاديات أو سائق الليموزين أو من لا مهنة له أو طالب زواج أن يقدم نفسه بخبير سياحي ، ومن عمل بالمطبخ أو “تقشير الكوسة والبصل” خبيراً فندقياً مع كامل الاحترام لكل المهن.

إن ما دفعني للتصدي لمفهوم خبراء الصدفة هو أنني ابن قطاع السياحة لمدة تزيد عن أربعين عاماً، تخرجت فيها من أول السلم حتي رئاسة أربعة من كبرى شركات السياحة ، وعاصرت عمالقة السياحة والفندقهدة وكبارها وصناعها فكراً وأداءاً وسلوكاً ومنهجاً، اذكر منهم علي سبيل المثال لا الحصر محمد السقا وأحمد زكي عبد الحميدوعادل طاهرومحمد عبد الله وبرهان سعيد وأنيس سلامة ومصطفي طنطاوى ورشدي السركي ورؤوف بطرس غاليوإلهامي الزيات ومحمد لهيطةوعبد الحميد فرغلي وعزيز قاسم وسيد موسي و محمد نسيم ..وعايشت وزراء كُثر منهم فؤاد سلطان وممدوح البلتاجى وإبراهيم نجيب ،كل ذلك علي سبيل المثال  ورغم أنهم كانوا قامات وقيمة وبناة السياحة والفندقة كفن وخبرة وتاريخ ومهنة لها قيمتها وبريقها وحظت باحترام الدولة وأولي الأمر ، لم يدعي أحدهم لنفسه لقب خبير سياحي أو فندقي ، بل عملوا للمهنة وصنعوا قيمها ابتغاء نهضة سياحية تساهم في دعم خطط التنمية الشاملة بإعتبارها قاطرة التنمية، ولم يتعالي منهم أحد بل كانوا معلمين للأجيال وفي صمت بعيداً عن دعاة الوجاهة الاجتماعية، وانتشر تلاميذهم بنفس الفكر والإيمان بأن العمل بالسياحة شرف وتنافس شريف لإعلاء قيمة مصر وأسمها في كل المحافل الدولية .

إن ما نشهده من فوضي أحيانا بين القوي التي تتصدر المشهد السياحي والمنافسات القاتلة وغياب التسويق العلمي والحرص علي أن يكون الترويج والتسويق والتنشيط بتناغم ومشاركة جادة تمويلاً وأداءاً لمصر قبل الشركات
والمصالح الضيقة، والحرص علي نصيب أكبر من الكيكة هي أهم نتائج وخبرة وفهم خبراء الصدفة.

وختاماُ هي دعوي لإستعادة الجذور والأصول وتصويب المشهد من خبراء الصدفة والهلاهوطة، ومن يعتبرون أن البدلة الانيقة وإدعاءات شلة المنتفعين وحاملي جراب النقوط في الفرح تمنح لقب خبير سياحي وفندقى.

زر الذهاب إلى الأعلى