لا أحد في مصر يستطيع أن ينكر الانجازات الضخمة التي أحدثها الرئيس عبد الفتاح السيسي في تطوير المناطق السياحية و المطارات المصرية ،وخاصة ما يتعلق بالبنية الأساسية و شبكة الطرق الرائعة ، التي تشكل العمود الفقري للتنمية السياحية .. لكن و نحن نتطلع إلي تحقيق 30 مليون سائح , هذه رسالة تتضمن بعض المقترحات التي نضعها تحت عين الفريق محمد عباس حلمي وزير الطيران المدني لعله يجد فيها ما يفيد لتحقيق هذا الهدف، وأهمية الرسالة تأتي من كونها من أحد الخبراء و الأساتذة المصريين المحترمين المتخصصين في التخطيط الإستراتيجي للمدن و الحاصل علي درجة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية و هو الدكتور خالد الخشن , و لأن الرسالة طويلة أترك المساحة كاملة لها حيث يقول :
الأستاذ …
استكمالا لمجموعة المقالات التي قمنا بنشرها معا منذ أكثر من 20 عاما في موضوع مطار القاهرة، أعاود الكرة اليوم وأرسل هذا المقال بمناسبة صدور أخر تصنيف لسكاي تراكس -لأحسن 100 مطار في العالم- والذي لم يتضمن أي مطارا مصريا للأسف الشديد وهو ما يجب أن يرعي انتباه المسئولين في وزارة الطيران المدني
مما لا شك فيه أن هناك تحسن في مطاري القاهرة والغردقة، وإن كان التصنيف الأخير لسكاي تراكس -وهي أكبر مصنف للمطارات في العالم- قد جاء صاعقا!
فمطار القاهرة لم يتبوأ أي مركز من المراكز العشرة الأولى على مستوى أفريقيا بل أن تقييمه حصل على نجمتين فقط، مع اعتبار أن أحسن مطارات العالم حصلت على 5 نجوم , ومن الملفت أن تعاقب الإدارات على مطار القاهرة منذ 30 عاما لم يبدل الحال كثيرا باستثناء تحسنا مهما في مساحة ونوعية الأسواق الحرة بالمطار، وطلاء الهيكل الخارجي للمنشأ المعدني في ترمينال 3، والانتهاء من جراج السيارات، ومشاركة النساء في الجوازات، وحظر تدخين ضباط الجوازات.
لكن تتبقى الكثير من المعايير التي تم تقييم المطار على اساسها من قبل سكاي تراكس غائبة عن إهتمام المسؤولين ومن ضمنها الأتي:
1- عدم وجود أتوبيس مطار يعمل على مدار24 ساعة من المطار لمنتصف المدينة -كما هو الحال في كل مطارات العالم- وإلغاء مشروع وصول مترو الأنفاق للمطار! ومن المدهش أن خدمة النقل العام من ترمينال 1 تنتهي عند منتصف الليل قبل وصول معظم الرحلات من أوروبا! كما أن السائقين لا يتقنون الإنجليزية ولا توجد لافتات مكتوبة بالإنجليزية بخط سير وأرقام الأتوبيسات، حتى إن أحد السياح نشر على اليوتيوب أنه -عندما سأل أي أتوبيس يصل للداون تاون في محطة الباصات أمام ترمينال و تم إعطاؤه رقم أتوبيس خطأ يصل لداون تاون التجمع الخامس في حين أنه كان يقصد وسط البلد في التحرير.
2- توغل سائقو التاكسي في صالات الوصول وتحرشهم بالركاب الأجانب والمناداة عليهم في منظر غير لائق واستغلالهم للقادمين والنصب عليهم وعدم وجود أي تنظيم لاصطفافهم خارج المطار!
3-عدم وجود إمكانية لتأجير سيارات للأجانب
4-عدم اللياقة والاحترام في التعامل من قبل بعض العاملين في المطار مثل عمال الكراسي المتحركة الذي يستجدى بعضهم البقشيش
5- عدم تشغيل كل منافذ الجوازات في أوقات الذروة ما يؤدي لطول فترات الانتظار
6- عدم وجود لافتات إرشادية كافية وخرائط داخل صالات المغادرة والوصول وخصوصا لركاب الترانزيت
7- ضعف كاونتر الاستعلامات وعدم وجود عدد كافي من موظفي المساعدة والاستدلال
8-عدم وجود عدد كافي من دورات المياه في صالات الوصول وتدني مستوى النظافة
9- تدني الديكور والحالة العامة لترمينال 3 و1 وتدني مستوى الخدمة والأكل والتصميم الداخلي والأثاث خصوصا في صالات درجة الأعمال
10- عدم وجود مقاعد كافية بجوار كاونترات check-in
11- الضعف الشديد في خدمة الـ Wi Fi
12- عدم وجود أماكن ترفيهية لا للأطفال أو للكبار
13- عدم وجود عدد كافي من ماكينات السحب الآلي
بالإضافة لما سبق، فلقد قام المسئولون عن المطار بقطع كل أشجار الجهنميات البديعة التي كانت تحيط بممرات الهبوط والإقلاع في المطار القديم واستبدالها بسور حاجب وخانق أكمل إغلاق الرؤية بطول شارع العروبة في الاتجاهين بحيث شكل استقبالا غير مستحب للزائرين لمصر، بدلا من فتح الرؤية والاستثمار في تنسيق وردي وشجري جميل كما هو الحال في سنجابور مثلا وغيرها من مطارات العالم , إن ما يمكن أن نسميه مدينة مطار القاهرة تحتاج لإعادة تخطيط من الألف للياء يشمل بالضرورة إزالة كثير من النوادي والمباني العشوائية التي جعلت من شبكة الطرق فيها متاهة! فلا يوجد مطار في العالم حوله كم من استخدامات الأراضي الخاطئة والخارجة عن السياق مثلما يوجد في مطار القاهرة, يوجد حول المطارات في العالم ساحات لوقوف السيارات ومساحات مفتوحة على مرمى البصر وليس أسوارا ومباني ومتاهات لا لزوم لها!
ولا يفوتنى أن اشير إلى أن مطار برج العرب يعتبر من أحسن المطارات المصرية من ناحية التصميم المعمارى الذى أبدعه مصممون يابانيون على عكس مطارات الأقصر وأسوان والعلمين ، لذلك يجب التفكير فى استقدام مكاتب عالمية لتطويرهم.
ختاما، وانطلاقا من تخصصي في التخطيط الإستراتيجي للمدن، أحب أن أنوه أن المطارات تعتبر من العناصر الأساسية جدا في تصنيف المدن عالميا وجاذبيتها للاستثمارات والسياحة ومقار الشركات الأجنبية والأمثلة كثيرة من حولنا في دبي وإسطنبول وغيرها, فلا يمكن أبدا أن ترتقي مكانة القاهرة عالميا على مؤشرات كثيرة بدون الارتقاء بمطارها على أسس علمية وتصميمية وهندسية ومرافقيه و مواصلاتية وجمالية على مستوى دولي.
دكتور خالد الخشن
دكتوراه في التخطيط الإستراتيجي للمدن من جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة
أهلاً دائماً بكل الآراء
