هل مشكلة شركات السياحة فى فتح باب العمرة أم تحديد حصص ؟ ، هو سؤال يطرح نفسه بعد كل ما يثار خلال الفترة الماضية عن هذا الموضوع ، فقد كتبت فى 6 مايو من العام 2019، مقالاً بعنوان قطاع في خطر، حرصاً على مصلحة القطاع السياحي بشقيه العام والخاص، وحذرت من خطورة ما يتم من حولنا ،خاصة في مجال السياحة الدينية وتحديداً ملف الحج والعمرة ، حيث تطورات سعودية غير مسبوقة تسير بسرعة الصاروخ فى هذا الملف ، وموقف غريب من شركات السياحة التى أخذت على عاتقها البحث عن اللبن المسكوب والحديث عن الماضي والذكريات بما فيها من نجاحات وحتى الاخفاقات .
السعودية حددت أهدافها بوضوح وبدأت بالفعل في العمل الجاد لتحقيقها ،ونحن مازلنا نتحدث عن هل العمرة مفتوحة أم حصص ؟ ، مع أن مشكلة شركات السياحة الحقيقية ليست في فتح باب العمرة بدون سقف أو تحديد حصص . المشكلة الحقيقية هى الوقوف محلك سر بدون التفكير فى ملاحقة التطورات الجديدة التى تهدد فى الأساس عمل شركات السياحة، بل بقالها على قيد الحياة .
وهنا لا يمكن لعاقل أن ينكر الدور الكبير والمهم الذي تقوم به هذه الشركات العاملة فى ملف السياحة الدينية ”الحج والعمرة”، ولا يمكن أيضا أن ننسى ما يقوم به هذا القطاع المهم ، الذى تحمل ظروف صعبة خلال السنوات الماضية بعد توقف تام بسبب كورونا .
لكن هذه الشركات عليها الكثير والكثير لتحافظ على وجودها فى ظل مستقبل لا يعرف العواطف أو الماضى القديم ..مستقبل لا يعترف إلا بالتكنولوجيا الحديثةومواكبة العصر ، خاصة وأن قطاع السياحة الدينية ، قطاع هش وضعيف، تستطيع أن تتكالب عليه كل الأزمات بسهولة ويسر .. ومع أول أزمة ، و للحقيقة لا يمكن أن نقول عنها أزمة أو أن تكون أزمة بالمعنى الحقيقى ، بل هي تطور طبيعي للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة .. للأسف الشديد يظهر أمام الجميع وكأنه عاجز عن التعامل باحترافية ومهنية تجعله يتواجد وسط هذه الأعاصير والأزمات ،بسبب التركيز على فكرة واحدة هى فكرة النظر تحت الأقدام ، أو بطريقة المثل الشعبى ” عيشنى النهاردة وموتنى بكرة” .
أنا هنا لست فى موضع هجوم على شركات السياحة الدينية، بقدر حرصى على مستقبلها ،الذى أرى أنه مظلم إذا لم تتحرك هذه الشركات بسرعة وبعلم وبتخطيط سليم ، يسير فى طريق موازى للتطورات السريعة فى ملف الحج والعمرة من الجانب السعودى .
السعودية فتحت الباب على مصراعيه لتحقيق رؤيتها فى 2030 ، وأقرت عدد من القرارات التى تخص تأشيرات الدخول لأداء العمرة، حيث سمحت بعدد كبير من هذه التأشيرات لمن يرغب فى أداء العمرة بالدخول لأراضيها بسهولة ويسر وبعيداً عن أعين الجميع ، سواء فى الداخل أو فى الخارج، بل أن إدارة منظومة نسك أعلنت أثناء تواجدها فى القاهرة خلال الشهور الماضية، وبحضور عدد كبير من أصحاب شركات السياحة الدينية بإلغاء الوكيل الداخلى والخارجي بدأية من الموسم القادم ..كل هذا ولم يتحرك ساكناً للغالبية العظمى من الشركات ، وانقسمنا إلى فريقين ،الأول مع فتح العمرة بدون سقف ،والأخر تحديد حصص.
إن الحفاظ على هذه القطاع من وجهة نظرى يحتاج إلى إرادة حقيقية تعمل بجد واخلاص ،تحدد أهدافها وتتعامل مع الواقع الجديد بكل صدق وموضوعية ،تواجه المخطئ والمسيئ في حقه ، وتعمل على تطوير نفسها بخطط سريعة ومدروسة، حتى تستطيع بناء نهضتها المنشودة، وتعود إلى سابق عهدها ، وهنا أيضا لابد للشرفاء فى هذا القطاع أن ينتفضوا دفاعاً عن مصالح الغالبية العظمى منهم الذى لا حول لهم ولا قوة ، فقد أصبح قطاع شركات السياحة الدينية فى خطر حقيقى .
إن المتابع لأعداد المعتمرين المتواجدين فى المملكة خلال هذه الفترة ،يكتشف أن عدد كبير منهم سافر بعيدأ عن شركات السياحة ،وهذا ليس فى مصر فقط بل فى بلاد أخرى ، وهذا نجاح للتأشيرات المتعددة التى أقرتها السلطات السعودية .
إن قرار الحكومة بإنشاء البوابة المصرية للعمرة، هو قرار صائب حافظ على المنظومة بشكل كامل ،لكن هذه البوابة تحتاج إلى تطوير سريع يواكب التطورات التى من حولنا ويساهم فى الحفاظ على شركات السياحة قبل أن تنقرض بسبب حالة الصمت والثبات بدون أفكار وحلول ..نريد أن تكون هذه البوابة كيان كبير ينظم عمل الشركات ويدير هذا الملف باحترافية شديدة تتناسب مع ما يحدث على الجانب الأخر .
يا سادة نحن لا نخترع العجلة ولا نعمل فى كوكب أخر ..الطريق معروف وسهل الوصول إليه ،لكن بشرط أن تتوافر النوايا السليمة والإرادة..مشكلتنا ليست فى فتح الباب أو تحديد حصص ..المشكلة أعم وأشمل والوقت ليس فى صالح الجميع ..اتحدوا يرحمكم الله.