*مصر تمتلك أقدم ترسانة بحرية في العالم.. وتعتمد في التسليح على تنويع مصادر السلاح
*محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية أهم الأعمال التي ننفذها لحماية سواحلنا
القوات البحرية تشارك في العملية الشاملة «سيناء 2018» لتطهيرها من الإرهاب
على مدى 51 عاما، تحتفل القوات البحرية في الواحد والعشرين من أكتوبر كل عام، بذكرى أكبر نصر عسكري بحري في العالم، وهو تدمير المدمرة الإسرائيلية «إيلات» أمام السواحل المصرية.
وبمناسبة هذا العيد، أجرت «فيتو» حوارا مع الفريق أحمد خالد، قائد القوات البحرية، الذي أكد خلاله اهتمام القيادة السياسية بتطوير إمكانيات القوات البحرية بالتعاقد على أحدث النظم القتالية والفنية، الأمر الذي جعلها من أكثر القوات البحرية قدرة على حماية المصالح القومية في الداخل والخارج.
وكشف «خالد» عن دور القوات البحرية في العملية الشاملة «سيناء 2018»، والذي يتلخص في عزل منطقة العمليات من ناحية البحر بواسطة الوحدات البحرية، وعدم السماح بهروب العناصر الإرهابية من جهة البحر، وكذلك منع أي دعم يصل لهم من هذه الجهة.
*كان لتدمير أكبر مدمرة للعدو في حرب الاستنزاف أثر كبير في رفع الروح المعنوية لدى الجيش والشعب المصري.. كيف استطاع أبطالنا القيام بهذا العمل؟
يوم 21 أكتوبر عام 1967 صدرت الأوامر من القيادة العامة للقوات المسلحة إلى قيادة القوات البحرية بتنفيذ هجمة على أكبر الوحدات البحرية الإسرائيلية في هذا الوقت وهى المدمرة «إيلات» التي اخترقت المياه الإقليمية المصرية كنوع من إظهار فرض السيطرة الإسرائيلية على مسرح العمليات البحري.
وعلى الفور صدرت الأوامر بمغادرة عدد «2» لنش صواريخ للتعامل مع «إيلات»، ونجحت في إغراقها باستخدام الصواريخ البحرية «سطح – سطح»، ولأول مرة في تاريخ بحريات العالم تنجح وحدة بحرية صغيرة الحجم من تدمير وحدات بحرية كبيرة الحجم مثل المدمرت أو الفرقاطات، ما أدى إلى تغير في الفكر الإستراتيجي العالمي، وبناءً على هذا الحدث التاريخي تم اختيار يوم 21 أكتوبر ليكون عيدًا للقوات البحرية المصرية لسببين رئيسين، الأول لأنها نُفذت بعد حرب 1967 بنحو 3 أشهر وكانت من أعنف الأزمات التي عصفت بمصر بل والعالم العربي خلال تاريخنا الحديث، وكانت هذه الفترة مليئة بالأحزان واليأس وكان لابد من القيام بعمل بطولي يرفع الروح المعنوية للقوات المسلحة ويعيد الثقة للشعب وقواته المسلحة.
أما السبب الثاني هو أن إغراق المدمرة إيلات يعتبر من أهم التطورات في مجال الحرب البحرية الحديثة التي حدثت خلال النصف الأخير من القرن العشرين، فكانت هذه العملية هي الأولى من نوعها في التاريخ لاستخدام الصواريخ «سطح – سطح» في الحرب البحرية ونتج عن نجاح استخدام هذه الصواريخ تغييرًا شامًلا لمفاهيم التكتيك البحري في العالم بأثره.
*طورت مصر قدراتها العسكرية في كافة الأفرع والتخصصات وأدخلت أحدث النظم القتالية والفنية.. هل تم التعاقد على أنظمة قتالية جديدة في ظل السياسة المتبعة لتنويع مصادر السلاح؟
مع تدهور الأوضاع الأمنية في منطقة الشرق الأوسط كثرت الصراعات وتأثر الأمن القومى المصرى والعربى بتلك الأوضاع، وسعت القيادة العامة للقوات المسلحة من خلال خطط التسليح إلى تطوير إمكانيات القوات البحرية بالتعاقد على أحدث النظم القتالية والفنية، وكان آخرها امتلاك مصر لحاملتى المروحيات طراز «ميسترال»، والمدمرة الحديثة طراز «فريم»، ولنش الصواريخ الروسى طراز «مولينيا»، ما يمثل نقلة نوعية للقوات البحرية المصرية، الأمر الذي جعلها من أكثر القوات البحرية قدرة على حماية المصالح القومية في الداخل والخارج، وتمتلك قوة الردع لكل من تسول له نفسه تهديد مصالحنا القومية.
*في ظل امتلاك القوات البحرية الكثير من الأسلحة الحديثة.. هل ما زالت هناك أسلحة ترغب في ضمها؟
عملية الإحلال والتجديد للوحدات البحرية تخضع لعدة معايير، منها التهديدات الحالية والمستقبلية، التطور العلمي والتكنولوجي في مجال التسليح، والقدرات الاقتصادية للدولة، ويتم الإحلال والتجديد على فترات زمنية وطبقا للإستراتيجية العامة للقوات المسلحة في تطوير وتحديث الأفرع الرئيسية.
ودشنت القوات البحرية قطعا بحرية جديدة للأسطول المصري مثل الفرقاطة بورسعيد من طراز «جوويند»، والتي تم تصنيعها بالترسانة البحرية.
*وكيف يمكن أن تضيف هذه القطع للقوات البحرية؟
إن الصفقات والإنشاءات التي تقوم بها القوات البحرية تساهم بشكل مباشر في رفع القدرات القتالية للقوات البحرية، والقدرة على العمل في المياه العميقة والاستعداد لتنفيذ المهام بقدرة قتالية عالية في أقل وقت، ما يساهم في دعم الأمن القومي المصري في ظل التهديدات والعدائيات المحيطة بالدولة المصرية حاليًا.
*ما الجديد في تطوير البنية التحتية والإنشائية لوحدات القوات البحرية؟
نعمل حاليًا على رفع كفاءة القطع والوحدات البحرية التي تسهم في الحفاظ على مستوى القوات البحرية، حيث يتم إنشاء قواعد جديدة لاستيعاب أكبر قدر من القطع.
*كيف يتم إعداد وتأهيل مقاتلي القوات البحرية للتعامل مع المنظومات الحديثة في مجال التسليح؟
سعت القيادة العامة للقوات المسلحة إلى الارتقاء بالفرد المقاتل باعتباره الركيزة الأساسية في منظومة الاستعداد القتالي للقوات المسلحة، ومن هذا المنطلق أنشأت القوات المسلحة معهد ضباط الصف المعلمين وهو معني بتأهيل الفرد المقاتل «فنيًا – تخصصيًا – لغويًا – تدريبيًا»، ليكون قادرًا على استيعاب التطور العالمي في مجال التسليح والتعامل مع المنظومات الحديثة.
وتسعى القوات البحرية للاستمرار في تأهيل وإعداد الكوادر المختلفة من ضباط الصف في جميع التخصصات والمستويات لأداء مهامهم بكفاءة عالية، كونهم العمود الفقرى للقوات البحرية، حيث يتم توزيع الطلاب في مراحل التأهيل والتعليم الأساسي على المدارس البحرية والمنشآت التعليمية المطورة، وطبقًا لقدراتهم الشخصية، ويتم التركيز خلالها على التدريب النظري والعملي من خلال المدارس المتخصصة في العلوم البحرية لتأهيل ضباط الصف في المناهج التخصصية المتطورة والتي تشمل تخصصات التشغيل والإصلاح لتلبية احتياجات ومطالب القوات البحرية بطريقة علمية منهجية، لمواكبة التطور في منظومة التسليح البحري العالمي من خلال وسائل التعليم الحديثة على يد ضباط متخصصين في هذا المجال.
أما بالنسبة للضباط، فيتم تأهيلهم في الكلية البحرية ومعهد الدراسات العليا البحرية، كما يتم إيفاد الضباط في بعثات ومأموريات خارجية للوقوف على أحدث ما وصل إليه العلم.
وبصفة عامة، فإن الحلقة التعليمية لا تنتهي عند هذا الحد، بل يتم نقل خبراتهم وتنمية مهاراتهم من خلال التدريب العملي داخل التشكيلات والوحدات البحرية ونقل خبرات القادة السابقين بما يمكنهم من استلام الراية وتولي دفة القيادة في القوات البحرية مستقبلًا.
*ماذا عن أبرز المهام التي نفذتها القوات البحرية على مدى الفترة الماضية لتأمين الجبهة الداخلية؟
تنوعت المهام المكلفة بها القوات البحرية من تأمين كافة موانئ الجمهورية بإجمالي 22 ميناء وعلى مدار 24 ساعة، والمحافظة على انتظام حركة الملاحة البحرية وتأمين المياه الإقليمية والاقتصادية، ومنع أي اختراقات لسواحلنا ومنع تهريب الأسلحة والمخدرات ومكافحة عمليات الهجرة غير الشرعية، وكذا تأمين خطوط مواصلاتنا البحرية، بالإضافة إلى تأمين حركة ملاحة السفن التجارية بالمجرى الملاحي لقناة السويس في الإتجاهين الشمالي والجنوبي وتأمين المنشآت الحيوية من الساحل ومن منصات وحقول البترول والغاز الطبيعي، وكذا القيام بأعمال المناوبة والإنقاذ في حالات الكوارث والأزمات.
كما شاركت القوات البحرية القوات البرية والأفرع الرئيسية للقوات المسلحة في العملية الشاملة «سيناء 2018»، لتطهير سيناء من البؤر الإرهابية والعناصر التكفيرية.
وتشترك القوات البحرية أيضا اعتبارًا من عام 2011 بتأمين المقرات الانتخابية أثناء «الاستفتاء على الدستور، انتخابات مجلس النواب، وانتخابات رئاسة الجمهورية»، وكان المستوى المتميز الذي أظهره رجال القوات البحرية في تنفيذ المهام الموكله إليه على المستوى الداخلي والخارجي نتاج التدريب الشاق المستمر والانضباط العالي والعزيمة وحب الوطن الذي أقسم عليه رجال القوات البحرية في سبيل حماية مقدسات الوطن وأمن وسلامة البلاد.
*وما تفاصيل الدور الذي تساهم به القوات البحرية في العملية الشاملة «سيناء ٢٠١٨»؟
يتلخص هذا الدور في عزل منطقة العمليات من ناحية البحر بواسطة الوحدات البحرية، وعدم السماح بهروب العناصر الإرهابية من جهة البحر، كذلك منع أي دعم يصل لهم من هذه الجهة.
كما تؤمن القوات البحرية خط الحدود الدولية مع الاتجاه الشمالي الشرقى وتكثيف ممارسة حق الزيارة والتفتيش داخل المياه الإقليمية المصرية والمنطقة المجاورة ومعارضة أي عائمات أو سفينة مشتبه فيها.
وتداهم عناصر الصاعقة البحرية، باستخدام العائمات الخفيفة المسلحة، جميع الأوكار والمنشآت المشتبه فيها على الساحل، وتفتيشها بطول خط الساحل الشمالي لسيناء، وبالطبع جميع هذه الأعمال تتم بتنسيق كامل مع كافة الأفرع الرئيسية والتشكيلات التعبوية العاملة بهذه المنطقة بما يحقق تنفيذ هدف القيادة العامة للقوات المسلحة من العملية الشاملة «سيناء 2018» للحفاظ على أمن وسلامة مصرنا الحبيبة.
تنفذ القوات البحرية العديد من التدريبات والمناورات مع الدول الشقيقة والصديقة.. ما أوجه الاستفادة من تلك التدريبات؟
نظرًا للمكانة العالية للقوات البحرية المصرية في مصاف البحريات العالمية، وكأكبر وأقوى قوات بحرية في منطقة الشرق الأوسط، تحرص العديد من الدول الصديقة والشقيقة على تنفيذ تدريبات مشتركة مع مصر، والتي تعود على الطرفين بالعديد من الفوائد أبرزها:
– إتقان تنفيذ المهام المختلفة وثقل مهارات ضباطنا وجنودنا وذلك من خلال الاستفادة من التطوير في مساعدات التدريب ومنظومات التسليح الحديثة المتوفرة لدى الدول الشقيقة والصديقة.
– الاستفادة من التدريب في ظروف جومائية مختلفة ومسرح عمليات مختلف لدراسة تأُثيره على الأسلحة والمعدات.
– التعرف على فكر الدول المشتركة في التدريب في إدارة الأعمال القتالية.
– تدريب الضباط على أحدث الوحدات البحرية في العالم والتعرف على أساليب التدريب القتالي بالبحر.
– تشترك قواتنا البحرية مع العديد من الدول الشقيقة والصديقة في التدريبات البحرية وهذه الدول هي «المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، مملكة البحرين، اليونان، فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية، دولة روسيا الاتحادية، والمملكة الأردنية الهاشمية».
*ماذا عن دور القوات البحرية في حماية المجتمع من مخاطر الهجرة غير الشرعية؟
تعتبر الهجرة غير الشرعية ظاهرة حديثة على المجتمع المصري، وزادت معدلاتها خلال الفترة الأخيرة، ووجهت القوات البحرية بالتعاون مع كافة الجهات المعنية بالدولة وقوات حرس الحدود والمخابرات الحربية، ضربات حاسمة للقائمين على أعمال الهجرة غير الشرعية، ونجحت المجهودات في إلقاء القبض على العديد من البلنصات وإحباط محاولة تهريب العديد من الأفراد إلى أوروبا.
ونتيجة لتكثيف أعمال المرور وتنفيذ حق الزيارة والتفتيش للسفن المشتبه بها، تم ضبط العديد من المراكب التي تقوم بأعمال تهريب «مخدرات، سلاح، والبضائع غير خالصة الجمارك»، ويتم تسليم المقبوض عليهم إلى جهات الاختصاص لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم، وهى إشارة إلى عزم القوات البحرية الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه المساس بمقدرات هذا الشعب.
*ما هي أبرز الآلات التي تصنعها ترسانة القوات البحرية وتعمل على تطويرها؟
تمتلك القوات البحرية ثلاثة قلاع صناعية تتمثل في «ترسانة إصلاح السفن بالقوات البحرية، الشركة المصرية لإصلاح وبناء السفن،و شركة ترسانة الإسكندرية»، تعمل جميعها ضمن منظومة متكاملة لها القدرة على التأمين الفني وصيانة وإصلاح الوحدات البحرية المصرية، كما أصبحت قادرة على التصنيع بعد تطويرها وفقًا لأحدث المواصفات القياسية العالمية بدعم من القيادة العامة للقوات المسلحة.
وبدأت بالفعل في تصنيع عدد من لنشات تأمين الموانئ ولنشات الإرشاد والقاطرات، بالإضافة إلى التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة في مجال التصنيع المشترك من خلال مشاركتهم بنقل التكنولوجيا إلينا، حيث يجرى العمل في مشروع الفرقاطات طراز «جويند» بالتعاون مع الجانب الفرنسي، وتتم الصناعة في هذه القلاع بسواعد وعقول مصرية مدربة ومؤهلة.
*بمناسبة الحديث عن التصنيع.. هل لدى القوات البحرية خطة لتصنيع وحدات أخرى بأيادي مصرية مشابهة لما تم تصنيعه أو تدبيره من الخارج؟
القيادة السياسية اهتمت بتطوير الصناعات البحرية الثقيلة متمثلة في التطوير الذي تم بالفعل لترسانة الإسكندرية التابعة لجهاز الصناعات البحرية للقوات المسلحة، لكي تواكب في معداتها وأجهزتها أحدث ما وصل إليه العلم والتكنولوجيا العالمية، وافتتحها الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد التطوير في مايو 2015، وعملت القوات البحرية بالفعل على بناء السفن بالسواعد المصرية من خلال مسارين، الأول من خلال التصنيع المشترك في الترسانات البحرية المصرية مع الدول الصديقة والشقيقة، وتم تصنيع لنشات مرور سريعة من مختلف الطرازات، وجار تصنيع 3 قرويطات بالتعاون مع الجانب الفرنسي.
أما المسار الثاني وهو التصنيع الكامل للوحدات البحرية بالسواعد المصرية، فتم تصنيع سفن من طرازات «الدحرجة، السفن المساعدة Tub Boats، والكراكات»، ونعمل على الوصول إلى التصنيع الكامل للوحدات البحرية بالأيادي والتكنولوجيا المصرية.
*ماذا عن الرؤية المستقبلية للقوات البحرية؟
نعمل على إنشاء قواعد بحرية جديدة تتيح فرصة انتشار الوحدات البحرية في البحرين الأحمر والمتوسط في أسرع وقت ممكن، وتصنيع وحدات بحرية بالترسانة البحرية بالإسكندرية.
*أخيرا.. وجه كلمة لأبنائك من رجال القوات البحرية في هذه المناسبة؟
أوصيهم بالاستمرار في المحافظة على الكفاءة القتالية للأفراد والمعدات واليقظة التامة والإدراك العالي لمستجدات المرحلة التي تمر بها بلدنا الحبيبة، للحفاظ على مكتسبات الشعب المصري والحفاظ على الاستعداد القتالي العالي لقواتكم البحرية، لتكونوا جاهزين في أي وقت لتنفيذ المهام الموكلة إليكم من القيادة العامة للقوات المسلحة بحرفية وقوة وإصرار، جديرين بثقة الوطن فيكم، ومستحقين للقب «خير أجناد الأرض»