المقالات

محمود السيوفى يكتب : هل يكره وزير البترول الإعلام ؟!!



في يوم 13 نوفمبر، 2024 | بتوقيت 7:15 م

 

هل يكره المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية الإعلام؟ ..سؤال يفرض نفسه بقوة خلال هذه الأيام، خاصة بعد كل ما يحدث ولا نعرف سبباً واحداً لكل هذا. 

 مجلس الوزراء فى يوم 30 من الشهر الماضي أصدر بياناً صحفياً قال فيه نصاً : وجه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء،  الوزراء وجميع المسئولين المعنيين بالرد على ما يثار على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وشرح الأمور للمواطنين.

مؤكداً أن هذا يدخل في صميم دور الحكومة، وذلك حتى لا نترك المجال لبعض الأخبار غير الصحيحة للانتشار، مشدداً على أهمية مواصلة جهود توضيح الحقائق ودحض الشائعات ، انتهى ما جاء فى البيان .

..لكنى الآن أمام حالة أخرى على عكس ما وجه به رئيس مجلس الوزراء، والحالة هنا فى وزارة البترول والثروة المعدنية،  وقبل الدخول فى الموضوع  لابد من التأكيد على أن المهندس كريم بدوى، وزير البترول والثروة المعدنية، رجل يتمتع بذكاء شديد وأخلاق عالية يشهد بها الجميع ، يحترم الصغير قبل الكبير ويقدر كل من يعمل ويجتهد ..والرجل تولى مسئولية الوزارة فى ظروف صعبة جداً وغير مسبوقة تحتاج إلى التكاتف والتواصل مع كل من يعمل أو يتصل بقطاع البترول والثروة المعدنية، وفى القلب من كل هؤلاء الإعلام البترولى بمختلف أشكاله ، وهو إعلام وطنى يتحمل مسئولياته بكل صدق وأمانة ، حرصاً وتقديراً لهذا القطاع الكبير، كأحد أذرع التنمية التى تتم على أرض مصر في الجمهورية الجديدة تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي. 

..نعم قطاع البترول المصرى على مدى تاريخه حاضر بإنجازاته على يد أبنائه المخلصين، ومشارك رئيس فى كل المشروعات العملاقة التى تتم على أرض مصر، دون التفكير في تحقيق مكاسب ، غير مسئولية وطنية تجعله حاضر وبقوة فى كل الأوقات. 

..والمهندس كريم بدوى ، الذى تولى أكبر المناصب فى شركات عالمية، يعلم جيداً قيمة هذا القطاع وما يمتلكه من مقومات وكفاءات تستطيع أن تعيد القطاع كما كان ، غير أن حجم المسئولية وصعوبة الظرف تحتاج إلي رؤية واضحة المعالم من الوزير  لحل المشاكل وتعبر بالقطاع إلى بر الأمان، وهذه الرؤية لن تتحقق إلا بوجود قيادات تتناسب مع فكر ورؤية الوزير ولا تتسبب في أى مشاكل أو أزمات ، وإعلام قوى ينقل ويكشف قضايا القطاع بكل صدق ..إعلام يُقدر حجم التحديات التي يمر بها قطاع البترول والثروة المعدنية، ويكون مسانداً وداعماً لكل فكر مخلص ، لكن هذا لن يتحقق إلا بمشاركة الإعلام والتواصل معه بدلاً من إقصائه ، فليس من مصلحة أحد إقصاء الإعلام غير هؤلاء الذين يعتمدون على دغدغة المشاعر والإستغراق فى أحلام اليقظة والمشروعات التى تجلب المن والسلوى.

..استطاع وزير البترول والثروة المعدنية المهندس كريم بدوى فى لقائه الأول مع الإعلام البترولى خلال جولته فى المنطقة البترولية بمحافظة أسيوط ، أن يضع خريطة واضحة المعالم عن شكل وطريقة التعامل مع الإعلام، وهى طريقة فيها تقدير واحترام كبير لدوره فى خدمة القطاع ، حيث أشاد الوزير واثنى على كل ما تقوم به وسائل الإعلام المختلفة، ومؤكداً على فتح صفحة جديدة من التعامل والتعاون غير المسبوق ، وهو ما وضع الصحفيين والإعلاميين فى حيرة شديدة الآن ، بعد حالة التجاهل منذ لقاء أسيوط، وظهر ذلك خلال مؤتمر حوض البحر المتوسط ” موك” ، حيث ولأول مرة منذ بدء فعاليات هذه المؤتمر والمعرض فى العام 2000 ، لا ينعقد لقاء للوزير مع وسائل الإعلام، وهو تقليد قديم يحرص كل وزير عليه،  فى ظل حالة غياب عن اللقاءات المباشرة مع الإعلام..حيث استغل كل الوزراء السابقين هذا المؤتمر خلال السنوات الماضية لفتح حالة الحوار مع الصحفيين ومناقشتهم والاستماع إليهم ، لكن الآن فى عهد الوزير كريم بدوي، أصبح الصحفيين رهينة بيان صحفي دون أن يكلف أى مسئول رسمى داخل الوزارة نفسه ويجلس مع الصحفيين، ولأول مرة فى تاريخ وزارة البترول والثروة المعدنية يصدر قرار بحركة تعيينات مهمة ولا يصل لوسائل الإعلام ، فى محاولة إخفاء عن قصد .

..ويخطئ من يتصور أو يعتقد أن البيان الصحفي كاف ، وأن محاولة تهميش الصحفيين وإبعادهم عن القطاع ، هى الطريقة الوحيدة للسيطرة على كل كبيرة وصغيرة داخل الوزارة وقطاعاتها المختلفة .. لكن الآن وبعد كل هذه السنوات التي ظهرت فيها أداوت أخرى بفضل التقدم التكنولوجي، فإنه بالإمكان استخدام أدوات أخرى مع البيان الصحفي حتى يصبح البيان مفيدًا، وأصبح من الضروري أن يعرف أصحاب نظرية الاستغناء عن الصحفيين واستبدالهم بالبيانات، أنه متى تكون البيانات الصحفية مفيدة لاستراتيجية العلاقات العامة ومتى عليهم استخدام أداة أخرى غيرها.

يمكن أن يحدث ذلك فقط إذا كان هناك محتوى إضافي للبيان الصحفي، لكن نشر البيان الصحفي وحده دون الاعتماد على أشياء أخرى يصبح البيان منقوص، منها أن يشاهد الصحفي بنفسه حجم الأعمال التي تتم على أرض الواقع حتى يستطيع أن ينقل الصورة بكل شفافية ووضوح، من خلال طريقة كتابة وتناول كل صحفي . 
 
  والتجارب والأيام، وكذلك رأي الخبراء، أثبتت أن للبيانات الصحفية بعض العيوب منها : 
 
أنه لن يُحسن البيان الصحفي عملية التواصل ، ويمكن أن تجذب البيانات الصحفية اهتمام المسئولين ، إلا أنها لا تجذب الجمهور المستهدف.

  يفضل المتابعين قراءة المعلومات من خلال القصص الإخبارية، ذلك لأن البيان الصحفي يستغرق وقتًا أطول في القراءة ويكون فهمه أصعب، والبيانات الصحفية يصعب قياسها وبالتالي يصعب إثبات نجاحها أو فشلها.

..الصحفيون الآن فى حيرة شديدة، لا يعرفون كيف سيتعامل معهم الوزير ..هل سيتعامل كما جاء على لسانه في جولة محافظة أسيوط ، أم التعامل كما جاء فى تجاهل الوزير لهم كل هذه الفترة وأخرها مؤتمر ” موك” وما بعده ؟ .

..لست هنا في موضع هجوم على الرجل، فالاحترام المتبادل هو أساس العلاقة معه وهذا فصل الخطاب، وحتى لا يتخيل أحد أنني أتصيد له الأخطاء.. هي محاولة للتعبير عن حالة نعيشها كإعلاميين وصحفيين في عهد الوزير كريم بدوي، خاصة وأن الإعلام أحد أهم الأدوات الفعالة للوزير لمواجهة أى أزمة أو مشكلة تواجه القطاع .

 وبالرغم من كل ما يحدث ، فمازال الإعلام يحافظ على تقاليده الراسخة التي تضع الدولة في مكانه فوق الجميع، ويسعى بكل إخلاص وصدق للدفاع عن كل قطاعات الدولة ومنها قطاع البترول، ولا يغيب عن الجميع أن هناك بعض السلبيات والمشاكل الكبيرة داخل وزارة البترول والثروة المعدنية،والتي تتسبب في عدم زيادة الإنتاج من الزيت الخام والغاز بالصورة الكاملة.. نعم هناك مشاكل كبيرة داخل القطاع على كل المستويات بداية من اختيار أهل الثقة في العديد من المناصب وصولاً بمراكز القوى داخل القطاع التى بدأت فى الظهور من جديد وبشكل أيضا جديد تعتمد على سياسة التكويش والإقصاء والسيطرة على مقاليد الوزارة ، هؤلاء يتحكمون في الكثير من الملفات داخل الوزارة بفضل الصلاحيات المفتوحة والغير مسبوقة لأى مسئول فى عهد أى وزير سابق.

يا سيادة الوزير ، لدينا قناعة تامة بمدى تقديرك للإعلام ، لكننا أيضا نعلم أن هناك محاولات من البعض للوقيعة بينك وبين الإعلام، وهى محاولات تعبر عن ضعف وعجز أصحابها، الذين لا يعلمون أن الإعلام الحقيقى لا يعنى التطبيل وبيع الأوهام ..إعلام لا يعرف إلا شرف القصد ونزاهة الفكر ليقودنا إلى الصالح العام ..إعلام صادق لا يعنيه المصالح أو المكاسب وتحكمه قيم وثوابت وقبل كل ذلك مسئولية أمام الله .

الأمام الشافعى له بيت شعر جميل يقول فيه :

وما من كاتب إلا سيفنى ويبقي الدهر ما كتبت يداه

فلا تكتب بكفك غير شئ يسرك في القيامة أن تراه.

وللحديث بقية .

 

زر الذهاب إلى الأعلى