الدكتور نورالدين بكر يكتب : الخريطة الاستثمارية والتنمية السياحية !!
في يوم 4 أكتوبر، 2022 | بتوقيت 11:16 ص
يغيب عن كثير من المتصدين للحديث عن السياحة في مصر ونصيبها من كعكة السياحة العالمية أعدادا وايرادات، والذين يبشرون بعودة الأرقام لما قبل ٢٠١١ أو بمستقبل مشرق لدخل سياحي عظيم يمثل مصدرا للعملات الصعبة بما يحقق نجاحا لخطط التنمية الشاملة ،حقيقة وتراث أن الآمال العظيمة لا تتحقق بالأحلام والنوايا الطيبة ،إنما من خلال قراءة لواقعنا والواقع في العالم من حولنا ،حتي يتسني وضع تخطيط علمي يرسم خطوات تحقيق الأهداف العظيمة بعلم وحرفية ووعي وبصيرة.
وهنا يهمني أن أطرح علي بساط الحوار وبصراحة ومهنية وموضوعية مجموعة من الحقائق التالية:
أن كل من يملك أرقام أو يبشر بمستقبل واعد ونمو وازدهار لحركة السياحة المصرية يقف دوره عند حد التصريح دون أن يضع أمامنا كيف يتم تحقيق الأهداف والآمال وأداء التغيير والإصلاح لكل عناصر صناعة السياحة ومدخلاتها وعناصر القوة والضعف.
لذا أخاطب وزير السياحة الجديد أحمد عيسى، لكونه واحداً من رموز الاقتصاد والمال لأسأل هل لدينا خطة استثمارية لتنمية المناطق السياحية المصرية وحصرا لهذه المناطق وتصورا لمناطق التنمية الجديدة؟ وماهي المشروعات الملائمه لها ومواصفاتها ومدي صلاحية طرق الاقتراب وحجم البنية الأساسية المطلوبة ؟وعلي رأسها المواصلات والمطارات وطبيعة الحياه البشريه والطبيعية والبيئةفيها.
هل لدينا تصور لما نريده من مشروعات وفنادق ومنتجعات سياحية ومحلات عاديات وبازارت ومطاعم والمقومات بالمناطق السياحية ؟وماهي أنواع السياحات الملائمه لهذه القدرات ؟ وتصورا للأسواق التي يمكن التسويق والنشيط والترويج فيها ..أي أن يكون لدينا خريطة استثمارية ودراسات تسمح أن نحدد ماذا نريد ، لا أن تترك لرغبة كل مستثمر أو مجموعة مستثمرين للتعامل الفردي وفقا لدافع الربح السريع أو التقليد والمحاكاة لمشروعات نجحت في الربح وزيادة العوائد.
ما نطالب به ليس بدعة أو رؤية ذاتية، واذكر بأننا في أوائل الثمانينات كان لدينا القانون رقم ١ للمنشآت الفندقية والسياحية ،والقانون رقم ٢ للمناطق السياحية كتوجه تشريعي لتنظيم سوق وحركة السياحة ووضع تخطيط شامل يشمل خطط وبرامج متنوعة ،وعلي رأسها خطة استثمارية لكل منطقة علي حده وعياً بهذه الحقائق على سبيل المثال المنشآت السياحية بسيناء ولم يكن فيها غير مدروسة البيئة وفندق طابا في أقصي الشمال، فقد رسم الوزير فؤاد سلطان وقطاعات التخطيط والخبراء خطة استثمارية للمشروعات ومواصفاتها وبتيسيرات مالية للسعر والسداد ،تبدأ من طابا في الشمال ثم منطقة الريفيرا المصرية ،ثم دهب نويبع شارم الشيخ ومحمية رأس محمد، ورياضيات الغوص حتي نبق وأقصي جنوب سيناء، ولم تترك الأمور لكل صاحب قرشين يفعل ما يريد دون رؤية علمية وخطط مدروسة .
منطقة البحر الأحمر ولم يكن فيها سوي قرية مجاويش مصر للسياحة ومحمد السقا، وفندق شيراتون الغردقة وتم تقسيم ساحل البحر الأحمر لمناطق سياحية، وتم تحديد دولار لسعر المتر شريطة الالتزام بالخطة الاستثمارية والبناء والافتتاح خلال فترة زمنية محددة تسحب وبجدية الأرض ولاتترك للتسقيع وكان هناك تصور لإقامة استراحات من الزعفران حتي الغردقة ،وتسند للقطاع الخاص بواقع استراحة متميزة كل ١٥ كم لتشجيع الحركة علي الطريق والسفر.
تم تمكين قطاع التخطيط والتنمية بالوزارة، وكذا وحدة التنمية السياحية والتي تحولت لهيئة من وضع خطة شاملة وتصور عام للنشاط السياحي بالتنسيق مع أجهزة الدولة والمحافظين، فضلا عن دراسات للأسواق العالمية واتجاهات حركة السياحة العالمية ،وسبل التسويق والترويج مستعينة بمكاتب خارجية يقودها خبراء يتم اختيارهم واختبارهم ومتابعة الأداء وبدقة وحساب تكلفة وعائد.
لذا فهل لدينا خطة وتخطيط شامل سواء خمسية قصيرة الأجل أو خطة طويلة الأجل تقسم لخطط ومراحل مالية، شريطة أن تتصدر القيادات والحوار التي تمتلك القدرة العلمية والعملية ولا يترك الأمر لقيادات المجاملة والواسطة فالأهداف الكبري تحققها قيادات وقدرات كبري ،وحيث لا تتحول السياحة لمهنة من لا مهنة له.
ختاما هي محاولة للمشاركة بالفكر ورفضا لإدعاءات أن القطاع الخاص صاحب المال حر فيما يفعله دون وصاية من الدولة دون وعي بمفهوم الخطة الشاملة والخطة الاستثمارية وصناعة هي جزء من الأمن القومي المصري، لا يترك مستقبلها “للى معاه قرشين”، يفعل ما يريد ولا يحركه سوي دافع الربح حتي بالعشوائية في البناء أو حرق قاتل للأسعار يهدر قيمة مصر في الأسواق .
محاولة تقبل الحوار والاختلاف.. “ما اريد إلا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله العلي العظيم”.