“اليوم الاقتصادي ” يُعيد نشر مقال الكاتب الصحفى مصطفي النجار المنشور بجريدة الأهرام
مصطفى النجار يكتب : عقدة الـ «5» نجوم..!
في يوم 20 أغسطس، 2022 | بتوقيت 11:29 ص
هناك قضايا «موسمية» ـ إن جاز التعبير ـ يستحب الكتابة عنها وفيها للشرح والتوضيح من كثرة مايتناولها الجمهور من عامة الناس بل حتى من ذوى الثقافة.. وذلك هو ما يستدعى بالضرورة أن يتناولها بالكتابة المتخصصون من أهل الخبرة والعلم والصحفيون من باب المسئولية الصحفية أمام القارئ. من هذه القضايا الموسمية التى دأبت الكتابة فيها خاصة خلال موسم الصيف على مدى سنوات طويلة مضت..
قضيتان: الأولى عن تنمية وتطوير الساحل الشمالى سياحيا وتلك قضية كبرى سأعود إليها حتما فى مقالات قادمة. أما القضية الثانية فهى قضية أسعار الفنادق للمصريين فى الصيف ليس فى الساحل الشمالى فقط وإنما فى كل مناطق مصر السياحية مثل الإسكندرية والغردقة وشرم الشيخ والأقصر وأسوان وغيرها.
وجرت العادة أو تعودنا أنه كلما يهل هلال الصيف تمتلئ صفحات التواصل الاجتماعى وكل وسائل الاعلام عامة بصرخات المصريين مرددين أن أسعار الفنادق »نار.. نار«.
ويهمنى هنا وفى هذه القضية للتوضيح أن أضع النقاط التالية أمام القارئ الكريم:
1ـ أن أسعار الفنادق فعلا »نار« ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك وإن كان الأمر هنا نسبيا بمعنى أن عموم الناس يرونها كذلك وهناك فئة محددة تقول «عادى» كل حاجة ارتفعت أسعارها خاصة الأغذية والمشروبات عصب الحياة فى الفنادق نتيجة لعوامل اقتصادية عديدة ليس هذا مجالها وانما الأمر المؤكد أنه فعلا تكلفة التشغيل ارتفعت فعلا بدءا من أسعار الدولار وتكلفة كافة الخدمات.
وبالتالى فإن العثور على غرفة فى فندق بسعر 200 أو حتى 300 و500 جنيه للفرد فى الليلة خاصة فى الــ 5 نجوم أصبح من الأحلام والأسعار من 800 أو 1000 إلى 10 آلاف جنيه فى الليلة.
لكن الذى يجب أن ندركه جميعا أن هذه أسعار «موسمية» فكلما زاد الطلب وهذه قاعدة اقتصادية وسوق حرة لايمكن الهروب منها.. يعنى أسعار الصيف للمصريين ـ هنا أقصد ـ غير الشتاء غير شم النسيم غير العيدين الأضحى والفطر وبالطبع غير أيام الدراسة ففى فترات تنزل الأسعار جدا وفترات ترتفع جدا وهذه قاعدة لايمكن الإخلال بها «العرض والطلب».
2ـ أن المصريين الذين يصرخون من أسعار الفنادق أمرهم عجيب.. فهم لايعرفون من الفنادق سوى فنادق الــ 5 نجوم ولايعرفون الطريق أبدا إلى فنادق 3و4 نجوم وهذه تكون بأسعار أقل جدا.. ولكن نحن نصر دائما على النزول بفنادق 5 نجوم وكأن السياحة والسفر لاتكون إلا فى مثل هذه الفنادق من عدد النجوم.
إن من يفكر فى 5 نجوم فقط التى تحولت إلى »عقدة« عند المصريين عليه أن يتحمل أسعارها وهذا مايحدث فى كل العالم والصحيح أن نفكر فى 3 و4 نجوم.. لكن أين مشكلة هذه الفنادق ولماذا لايفكر فيها المصريون.
3 ـ إن مشكلة المشاكل أو أم المشاكل التى تبعد جمهور الناس عن هذه الفنادق هى جودة الخدمات بكل أنواعها من أغذية ومشروبات ونظافة ووسائل ترفيه.
وذلك عكس مايحدث فى العالم كله.. فالفنادق 3و4 نجوم هى عصب السياحة فى دول العالم كله وكثير منا يسافر إلى أوروبا وخاصة باريس وبرشلونة وبرلين وأمستردام وغيرها ويجد نفسه بفنادق 3و4و نجوم ويكون سعيدا جدا بالنظافة وجودة الخدمات والأسعار المقبولة.. أما هنا فى مصر للأسف فالأمر مختلف تماما وبالتالى لانفكر إلا فى الــ 5 نجوم.
4 ـ إن جودة الخدمات هى الأمل والحل لفك هذه العقدة حتى يتحول المصريون إلى 3و4 نجوم بدلا من الــ5 نجوم.. إن هذا الفرق فى الأسعار موجود فى العالم كله.. ولكن الجودة مفتقدة فى مصر فى 3 و4 نجوم وعلينا أن نعترف بذلك.
5 ـ كان وزير السياحة الراحل د. ممدوح البلتاجى صاحب الأيادى البيضاء على السياحة المصرية يقول دائما إن «معيار السبق» بين دول العالم السياحية سيكون فى «الجودة» فمن يقدم جودة أكثر سيفوز بنصيب أكبر من حركة السياحة العالمية وعلى المستوى الداخلى من يهتم بالجودة فى 3و4 نجوم سيفوز فى النهاية لأن أسعار الــ 5 نجوم لها ناسها من الأثرياء ومن رجال البيزنس والمؤتمرات والمدن الكبرى والعواصم فى كل العالم.
6 ـ إن علينا أن نعترف أن السياحة الداخلية فى مصر موسمية فى الاعياد والمناسبات وبالتالى هناك صعوبة كبيرة من زيادة الطلب من المصريين.. كما أن المصرى بطبعه لا يجب سياحة «المجموعات» التى تمكنه من الحصول على أسعار مخفضة ومن خلال شركات السياحة مثلا.. فالمصريون والعرب يفضلون السعر العالى ولايفكرون فى السفر إلا فجأة ولايخططون لرحلاتهم وبالتالى عندما يذهب فجأة إلى الفندق سيعطيه سعرا مرتفعا وهذا موجود فى كل العالم.
7 ـ إن قضية أسعار الفنادق أمام المصريين كبيرة وأصبحت تشكل غضبا عند البعض.. لكن ليس أمامنا إلا أن نشجع الدولة من خلال وزارة السياحة والاسكان ومن خلال هيئة التنمية السياحية بناء فنادق 3 و4 نجوم فى كل مناطق مصر السياحية لخدمة السياحة الوافدة والمصرية.
لكن الأهم قبل ذلك وبعده التأكيد على «جودة الخدمات» فهى الحل السحرى أو الضرورى لمواجهة هذه القضية حتى نستطيع مواجهة أسعار فنادق الـ 5 نجوم النار… وحتى نصنع مستقبلا أفضل للسياحة بشكل عام… فهل نحن قادرون؟
بصراحة نحن قادرون جدا وما تفعله الدولة فى التنمية السياحية من خلال رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى فى العلمين الجديدة وفى العاصمة الادارية وكل مناطق مصر السياحية وفى شبكة الطرق والمواصلات كله يصب فى إطار جودة الخدمات وتنمية وتطوير حياة المصريين ويدعم الاقتصاد القومى بشكل عام والسياحة بشكل خاص.. والقادم أفضل بإذن الله!!