أكرمنى الله هذا العام بأن أكون ضمن من اختصهم سبحانه بالحج بعد انقطاع عامين بسبب جائحة كورونا ، وعندما تذكرت أول حج فريضة اديته عام 1988م كانت التكلفة بالطيران 1750 جنيه، وأديت كل المناسك بالمشاعر المقدسة سيرآ على الأقدام رغم صعوبة الطقس والطرق في ذلك التوقيت.
وعندما شرفت عام 1999 بعضوية بعثة الحج السياحى كنت أنظر لمنظومة الحج المصرى عامة والحج السياحى خاصة كى تكون هناك خدمات بمنطقة المشاعر، وهى أساس الحج لآنه كانت أوضاع الحجاج خاصة بصعيد عرفات سواء المخيمات والحمامات وما يتعرض له الحجاج من ضربات الشمس تستدعى وجود قوالب ثلج وأيضا وضع كبار السن سواء الخدمات .. أشياء كنا نراها ولكن الله كان يعين ضيوفه ويؤجرهم على تحملهم تلك المشقة .. وكنا من أجل إرضاء هؤلاء الحجاج ودفعهم للصبر نذكرهم بأن الأجر على قدر المشقة كما نردد الأن ” الحج لمن استطاع اليه سبيلا ” وذلك بسبب الارتفاع الكبير في تكلفة خدمات الحج .
وبالفعل والحمد لله وفقت مع مجموعة متميزة من مسئولى وزارة السياحة وزملائي بالغرفة عام 2005 فى وضع بداية للتنظيم الآدمى الذى يحترم آدمية الأنسان وهذا ليس أنسان عادى ولكنه ضيف الرحمن .. بدأنا بالحج البرى الذى كان لا يقدم له أي خدمات تذكر بل يتم وضعهم في مواقع خارج منى تبعد عن الجمرات أكثر من 3 كيلو متر، لأن معهم باصات مصريه تحتاج لترتيب مواقف لها .. ووضعنا مواصفات للخدمات من تغذية ومراوح وحمامات كى تكون الخدمات موحدة باتفاق جماعى بتكلفة منخفضة للغاية وقتها .
وبعد هذه الجهود بدأت جهات أخرى تطور خدماتها لأنها استشعرت الحرج من فرق كبير بالخدمات المقدمة للحج السياحى .. وهنا وبعد مرور أكثر من ثلاثون عاماً على أول حجة فريضة كما ذكرت أرى الآن ارتفاعاً شديداً للغاية فى أسعار الخدمات بالمشاعر المقدسة.
تشاور مطلوب
نحتاج بالفعل للتشاور مستقبلاً مع الأشقاء الأعزاء بالمملكة لوضع حلول للخدمات دون مبالغة فى التغذية أو الديكورات وخلافه ، الحج أبسط من تلك الأمور ، ” الحج عرفة ” ، نحتاج فقط لموقع يتم تأسيسه بمواصفات بسيطة آدمية وخدمات تناسب الأعداد ، وأهمها الحمامات مع تغذية صحية لا مبالغ بها بعيداً عن نظام البوفيهات التى للأسف يتم إهدار معظمها ونحتاج لأن يتفرغ الحاج للعبادات فهو يوم مغفرة ورحمة وعتق من النار.
وهذا يتطلب التنسيق مع الجانب السعودى فى وضع مواصفات للحج المصرى أهمها أتفاق مع شركات الطوافة بالمملكة على التغذية الصحية والمساحات للحجاج بمشعر مني والخدمات وأهمها فرش لائق للمخيمات بالإضافة لدورات المياه الآدمية.
لأن الوضع الحالى الذى تم رصده هذا العام فى مشعر عرفات تحديداً، وهنا يجب أن يكون لأى اتفاق كعلاقات تجارية و جهات رقابية ممثلة فى وزارة الحج بالمملكة بالإضافة للبعثات النوعية المصرية من “سياحة – داخلية – تضامن “، أن تراقب الأداء أثناء التنفيذ حتى لا تضيع الحقوق .. وهو أمر مهم أن يكون بعقود الاتفاقات شروط وضمانات لحسن الأداء وهذا دور البعثة الرسمية التي تمثل الدولة المصرية أن تحافظ على حقوق جميع الحجاج دون تفرقة.
كذلك يجب مستقبلا أن نراعى موضوع ندرة التأشيرات حيث أن ما حدث هذا العام من الاكتفاء بعدد 20 ألف حاج فقط على الرغم من العدد الممنوح لنا 35 ألف حاج.
مما جعل راغبي أداء الفريضة بعد حرمان عامين بسبب كورونا يلجأون للذهاب للمملكة أما بتأشيرات تخالف القواعد والتعليمات بالمملكة مما يعرضهم لعقوبات مشددة وغرامات وحرمان من دخول الأراضى السعودية تصل لأكثر من خمس سنوات أو بشراء حزمة خدمات بأسعار مبالغ بها ولا تتناسب مع معظم راغبى أداء الفريضة لسوء مستواها.
أو اللجوء لمنظومه حديثة وشراء خدمات تناسب فقط مستويات خاصة جداً وقادرة على سداد قيمة هذا البرنامج المرتفعة للغاية ، والتي لا تتماشى مع ظروف غالبية الحجاج في العالم .. وما ذكرته ليس نقد أو إغفال للجهد الكبير الذى بذلته حكومة خادم الحرمين الشريفين في ظل حرصهم على خدمة تلك الأعداد التى تعدت المليون حاج من إستقبال بالمطارات و انتقالات وإقامة وتطوير لمنطقة المشاعر ، خاصة مشعر منى ،وسهولة الإنتقالات خاصة بالنفرة من عرفات إلى مزدلفة ،ولكنى أرى أن هذا الملف يجب أن يدرس من الآن بكل جوانبه من ايجابيات وهى بالفعل متعددة، أما السلبيات تحتاج فقط الاهتمام من الزملاء بشركات الطوافة وجميع العاملين تنفيذا للشعار الذي يرفعه الجميع أن خدمة الحاج شرف لهم .
ونحن على ثقة كاملة فى خادم الحرمين الشريفين وولى العهد وحكومتهم الرشيدة وكل القائمين على منظومة الحج ، وأيضا نثق فى قيادتنا وحكومتنا بمصر ، أن يكون هذا الملف من ضمن أولوياتهم فهى بخلاف أنها فريضة على كل مسلم ولمن استطاع إليها سبيلا والركن الخامس بالإسلام. ، أن يكون هناك حوار بناء للخروج بتوصيات يلتزم بها الجميع وتراعي كافة جوانب منظومة الحج.