المقالات

الدكتور أحمد مختار يكتُب : سامح فهمي .. التاريخ لا ينسي


في يوم 28 أغسطس، 2025 | بتوقيت 9:55 ص

 

علي مدار أكثر من ٣٠ عامًا عملت خلالها صحفيًا متخصصًا في قطاع البترول ،عاصرت خلالها أكثر من ثمانية وزراء بترول، يمكنني اعتبار الفترة التي تولي فيها المهنس سامح فهمي مسؤولية وزارة البترول وهي الفترة التي امتدت منذ اكتوبر ١٩٩٩ وحتي فبراير ٢٠١١ فترة تغيير فلسفة إدارة ثروات مصر من الزيت والغاز .

خلال هذه الفترة تم هيكلة هذا القطاع بشكل تخصصي بإنشاء شركات قابضة للغاز ، والبتروكيماويات إضافة إلى شركة جنوب الوادي للبترول .

علامات فارقة شهدتها هذه الحقبة من تاريخ صناعة البترول المصرية حيث جري التعامل وقتها مع مفردات هذه الصناعة بما يتوافق مع المتغيرات العالمية ، وبما يحقق استدامة اجتذاب الشركات الكبري ، والتكنولوجيا العالمية، ومن ثم تم تدشين الخطة القومية للبتروكيماويات ، والتي كانت تستهدف إقامة صناعة مصرية عصرية في هذا المجال الحيوي الذي أصبحت منتجاته ضمن المدخلات الرئيسية لأي صناعة حديثة،  وذلك من خلال إنشاء ٢٠ مشروعًا للبتروكيماويات يعمل حاليا أكثر من نصفها ، أيضا تم التركيز علي مشروعات توصيل الغاز الطبيعي للوحدات السكنية والمنشآت التجارية والصناعية في جميع المحافظات ،بما في ذلك محافظات جنوب مصر بإنشاء خط غاز الصعيد ممتدًا من الجيزة حتي أسوان، ليغير وجه الحياة في هذه المحافظات .

كما تم إقامة مصنعين لإسالة وتصدير الغاز في دمياط وادكو ، وهما المصنعان الوحيدان بدول الشرق الأوسط، و اللذان يمثلان حجر الزاوية في تحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة .

ماكان يجري تنفيذه من مشروعات انعكست آثارها علي الآلاف من الأسر المصرية التي التحق أبناؤها للعمل بهذه المشروعات ،بعد أن كان الالتحاق بالعمل في البترول محدودًا وقاصرًا علي محافظات وفئات بعينها .

المتتبع لما تم إنجازه بقطاع البترول خلال تولي سامح فهمي مسؤوليته يستطيع دون عناء استنتاج أنها كانت فترة بناء للمستقبل يتم الارتكاز عليها حاليًا  .

ليس خفيًا علي المتابعين لهذه الحقبة أن سامح فهمي دفع ثمنا غاليًا لنجاحه، فقد استهدفته جماعة الأخوان بعد ثورة ٢٥ يناير باعتباره أحد الوزراء البارزين، وقدم للمحاكمة في قضية تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل .

ورغم تأكد من تزعموا ووقفوا وراء هذه المحاكمة التي برأته أن تصدير الغاز لإسرائيل لم يكن اختيار أو قرار الوزير، وأن باطن وحقيقة الموضوع غير ظاهرة إلا أن رغبة الثأر والتخوين كانت هي من تقود دفة الأحداث .

في النهاية يظل الوفاء للرجال الذين أعطوا عمرهم وجهدهم في خدمة الوطن ،وتكريمهم واجبًا أخلاقيًا قبل أن يكون مجرد تقدير معنوي ،ومن بين هؤلاء يأتي المهندس سامح فهمي، وزير البترول الأسبق، الذي قاد واحدًا من أهم القطاعات الاستراتيجية في مصر في مرحلة دقيقة من تاريخها، وترك بصمة لا تُمحى على خريطة الطاقة المصرية .

 

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!